الصفحة الرئيسية  أخبار وطنية

أخبار وطنية المحرقة السورية: جهـــاد تــرك «البـاك» وسافر للموت.. وأكرم وآخرون في وهم «الجنة» وأهاليهم يستغيثون

نشر في  21 ماي 2014  (11:15)


155 تونسيا ماتوا في سوريا

حسب آخر الاحصائيات فانّ عدد التونسيين الذين لقوا حتفهم في سوريا يناهز الـ155 شابا أعلنت عنه بعض المواقع بعد اتصالها بعائلاتهم إضافة الى العشرات من الموقوفين لدى السلطات السورية، كما ان مواقع التواصل الاجتماعي تداولت منذ ايام قليلة فقط عملية إعدام تونسيان كانا يشاركان في هذه الحرب، كما أنّ الشبهة تحوم حول بعض الجمعيات الخيرية أو على الأقل بعض أعضائها في أنّهم يساهمون بشكل أو بآخر في دفع شبابنا الى السفر الى سوريا بدعوى الجهاد.

ما الذي يدفع مراهقا لم يتجاوز الـ18 سنة الى التفكير في الذهاب الى سوريا والارتماء في حضن محرقة تأتي على الأخضر واليابس؟ من يدفع شابّا يافعا مثله وآخرون كثيرون للذهاب الى سوريا بحثا عن جنة لا توجد الا في مخيلتهم وحور حسان يعدهم بهنّ شيوخ الفتنة والبترودولار!


نعرض في هذا التحقيق حالات لشبّان غرّر بهم وتركوا عائلات تتلظّى وتحترق شوقا للقاء أبنائها من جديد...
يعتقد البعض أنّ الاجراءات الأمنية الصّارمة التي اتخذتها وزارة الدّاخلية بتشديد المراقبة على الحدود ومنع كل من لا يتجاوز عمره الـ35 سنة من العبور عبر بواباتنا البرّية، ستحدّ من ظاهرة السفر الى سوريا لكن لا يمرّ كلّ فجر يوم جديد الاّ ويبلغ إلى مسامعنا خبر عن سفر شبّان في عمر الزّهور.
جهاد تلميذ الباكالوريا

جهاد حاجي مراهق لم يبلغ  بعد العشرين من عمره، كان يزاول دراسته في أحد المعاهد  الثانوية بالرقاب، وحين كان زملاؤه بصدد التحضير لامتحان «الباكسبور» كان جهاد يفكّر في الرّحيل الى بلاد الشام، وفعلا استفاقت عائلته منذ أسبوع على خبر اختفائه، ليهاتفها بعد يومين من ليبيا ويخبر عائلته انه عوض الباك وحياة الدّنيا الزائلة ـ حسب قوله ـ اختار الجهاد في سوريا وأنّه بمعية بعض الاخوة سيسافر قريبا الى هناك! هذا الخبر كان بمثابة الصّاعقة التي نزلت على رأس عائلة بسيطة  ومتواضعة اختار ابنها  رمي نفسه في أتون حرب لا أحد يعلم مصيرها ولا نهايتها.
آخر مكالمة تلقتها منه كان فحواها انه وصل الى الأراضي السورية لكن عائلته تتساءل بمرارة من سمح لابنها بمغادرة الحدود؟ ومتى قام باستخراج جواز سفر؟ واي قدرة يتحمّلها وأي جهد لرفع السّلاح وفي وجه من؟ هي أسئلة كثيرة تطرحها عائلة جهاد مثلما تطرحها عائلات أخرى كثيرة.
طالب الفنون الجميلة موقوف في السّجون السّورية

بحرقة وألم يتحدث محرز الشواشي أصيل ولاية سوسة عن مأساة ابنه الذي كان طالبا ناجحا في اختصاص الفنون الجميلة، وفجأة أخبره بأنّه سيتوجّه الى ليبيا لحضور محاضرة هناك، وكان ذلك في مارس 2012 ومن يومها انقطعت أخباره ليفاجأ بعد ذلك انّ ابنه يقبع داخل احد السّجون السورية بعد ان تمّ ايقافه، ورغم الوعود بإطلاق سراحه فإنّ هذا الرّجاء لم يتحقق الى الآن، لتتعدّد وقفاته أمام وزارة الخارجية علّها تتدخّل لجلبه.
بسّام يحادث أهله عبر السكايب من ريف حلب

منذ أيام غير بعيدة اختفى بسام عبيدي عن أنظار عائلته وهو الشابّ الذي لم يتجاوز الثانية والعشرين من عمره، كان شابا محبّا للحياة وبشوشا لكن سرعان ما تغيّرت حياته رأسا على عقب  وانتمى الى ما يسمّى بأنصار الشريعة وبلغ به الأمر الى حدّ تكفير والديه، كان يتحدّث عن الجهاد ويعتبر دولة الخلافة الاسلامية ستشع من سوريا على العالم الاسلامي برمّته، الغريب انّ بسّام لا يملك  فلسا واحدا وزاده الوحيد هو شهادة في التكوين المهني، ورغم ذلك سافر في أواخر شهر افريل الماضي الى ليبيا، وبعدها هاتفهم عبر السكايب من سوريا وتحديدا من ريف حلب حيث أعلمهم بأنّه بخير وانّه سينطلق قريبا في التدريب مع جبهة النصرة؟!
لكن الغريب انّ عائلته تتساءل عن كيفية حصوله على جواز سفر خاصّة انّ مرجع النظر الذي يعود اليه محل سكناه نفى ان يكون استخرج منه جواز سفر، لكن اكثر من ذلك تؤكد عائلته انه لا يملك ثمن تذكرة ذهاب الى العاصمة وهو أصيل منطقة الرّقاب فكيف تمكّن من الذهاب الى سوريا؟
بعض المعلومات التي تحصّلنا عليها والتي نوردها بتحفّظ، تفيد انّ بعض أصحاب سيارات الأجرة العاملين بين مدينة صفاقس وطرابلس يساهمون بطريقة  أو بأخرى في المساعدة على عبور هؤلاء الشبان الذين يقلّ أعمارهم عن الـ35 سنة مقابل مبالغ مالية هامّة لا تقل عن ألف دينار للشخص الواحد! لكن السؤال الذي يطرح نفسه من يدفع هذه المبالغ الخيالية؟ ومن هم المورّطون الحقيقيون الذين يدفعون بشبابنا الى أتون المحرقة السورية؟ هي فرضية يمكن للسّلط الأمنية التثبّت فيها خاصّة اذا علمنا انّ مجازفة العبور الآن عبر المسالك ودون العبور عن بوّابة رأس جدير تبدو شبه مستحيلة، باعتبار الاحتياطات الأمنية الكبيرة والاستنفار الأمني الموجود.
نعم هناك وسطاء

محدّثنا الذي نحتفظ بهويّته أكّد لنا انه من خلال مخالطته لذوي الشبهة من المتشدّدين الدّينيين انّهم في حديثهم عن الجهاد في سوريا لا يطرحون أبدا مسألة مصاريف السّفر، بل أكثر من ذلك اشار الى انّ هناك شبكة كاملة هي التّي تتعهّد بتسفير هؤلاء المغرّر بهم.
أسئلة لابدّ منها..

منذ الأيام الأولى للثورة السورية وشبابنا يسافر بالعشرات الى هناك، بعضهم لقي حتفه وآخرون مازالوا ينخرطون في هذه الحرب، كما أنّ بعضهم عاد الى أرض الوطن وما كان في الحسبان هو إيقاف هذا النزيف وعدول شبابنا عن الذّهاب الى سوريا، لكن آخر المعلومات التي حصلنا عليها تفيد الى انه والى حدود أيّام شهر أفريل 2014 مازال العديد من أبناء هذا الوطن يشدّون الرحال الي سوريا بدعوى الجهاد، فأكرم حاجي مثلا شاب في العشرينات اطلق صرخة استغاثة بعد ان تمّ ايفاده من سوريا الي العراق وهو يبحث عمّن يساعده لإعادته الى تونس، أمّا كمال. ص وأكرم .ح وجلال ج فهم يوجودن الى الآن بسوريا ويقولون انهم يشاركون ضمن جبهة النصرة، في معارك ضاربة ضدّ الجيش النظامي السوري.
وعليه فإنّه على مكوّنات المجتمع المدني والأحزاب ان تفتح جدّيا هذا الملف الحارق الذي يؤدي بحياة شبّان في عمر الزّهور ويترك عشرات العائلات نعيش حالة الحزن والفزع والخوف على مصير أبنائنا.


عبد اللطيف العبيدي